منتديات العامل الجزائري
مرحبا بك عزيزي.........

كم أتمنى أن تتسع صفحات منتدياتنا لقلمك
وما يحمله من عبير مشاعرك ومواضيعك
وآرائك الشخصية
التي سنشاركك الطرح والإبداع فيها
مع خالص دعواي لك بقضاء وقت ممتع ومفيد
منتديات العامل الجزائري
مرحبا بك عزيزي.........

كم أتمنى أن تتسع صفحات منتدياتنا لقلمك
وما يحمله من عبير مشاعرك ومواضيعك
وآرائك الشخصية
التي سنشاركك الطرح والإبداع فيها
مع خالص دعواي لك بقضاء وقت ممتع ومفيد
منتديات العامل الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات العامل الجزائري

منتدى تجد فيه كل الجوانب..اسلاميات..دراسة..علوم..العاب..تسلية وأكثر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

  ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام )

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شبح المنتديات
عضو مجتهد
عضو مجتهد
avatar


ذكر

المساهمات : 305

النقاط : 4153
السٌّمعَة : 50
تاريخ التسجيل : 14/06/2014
المزاج : فغ

 ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام ) Empty
مُساهمةموضوع: ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام )    ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام ) I_icon_minitimeالأحد يونيو 29, 2014 2:48 pm

( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام )

117 ـ أخبرنا الاستاد أبو جعفر محمد بن المرزبان ، عن الشّيخ أبي عبدالله جعفر الدّوريستي ، عن ابيه ، عن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثّمالي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله : سأل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط ؟ فقال : إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظّفون عن الغائط ، ولا يتطهّرون من الجنابة ، بخلاء أشحّاء على الطّعام ، وأنّ لوطاً لبث فيهم ثلاثين سنة ، وإنّما كان نازلاً فيهم ولم يكن منهم ، ولا عشيرة له فيهم ولا قوم ، وأنّه دعاهم إلى الله تعالى وإلى الإيمان به واتّباعه ، ونهاهم عن الفواحش ، وحثّهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه .
وأنّ الله لمّا أراد عذابهم بعث إليهم رسلاً عذراً أو نذراً ، فلمّا عتوا عن أمره بعث الله إليهم ملائكة ليخرجوا من كان فيها من المؤمنين ، وقالوا : اسر يا لوط باهلك ، فلمّا انتصف اللّيل سار لوط عليه السلام ببناته وتولّت امرأته مدبرة ، فانطلقت إلى قومها تسعى بلوط وتخبرهم أنّ لوطاً سار ببناته ، وإنّي نوديت من تلقاء العرش لمّ‍ا طلع الفجر يا جبرئيل حق القول من الله بحتم عذاب قوم لوط اليوم ، فأهبط إلى قرية لوط وما حوت فأقبلها من تحت سبع أرضين ، ثم أعرج بها إلى

( 118 )

السماء وأوقفها حتّى يأتيك أمر الجبّار في قلبها ودع منها آية بينة منزل لوط عبرة للسيارة ، فهبطت على أهل القرية فقلعت ذلك حتّى سمع أهل السّماء بريا ديوكها (1) ، فلما طلعت الشّمس نوديت : أقلب القرية فقلبتها عليهم حتّى صار أسفلها أعلاها .
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا جبرئيل وأين كانت قريتهم ؟ قال : في موضع بحيرة طبريّة اليوم ، وهي في نواحي الشّام ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : حين قلبتها في أيّ موضع وقعت ؟ قال : وقعت فيما بين بحر الشّام إلى مصر ، فصارت تلولاً في البحر (2) .
118 ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي جعفر عليه الصلاة والسلام : أخبرني عن عاقبة البخل ، فقال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يتعوّذ من البخل إلى الله تعالى ، والله تعالى يقول : ( ومن يوق شحّ نفسه فاولئك هم المفلحون ) (3) وسأخبرك عن عاقبة البخل : إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية أشحّاء على الطعام ، وأعقبهم البخل داء لا دواء له في فروجهم ، قلت : ما أعقبهم قال : إنّ قرية قوم لوط كانت على طريق السيّارة إلى الشّام ومصر ، فكانت السيّارة تنزل بهم فيضيفونهم ، فلمّا كثر ذلك عليهم ضاقوا بذلك ذراعاً ، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضّيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك ، حتّى صاروا يطلبونه من الرّجال ويعطون عليه النّحل (4) .
وأنّ لوطاً عليه السلام لبث مع قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى الله تعالى ويحذّرهم عقابه ،
____________
(1) في البحار : زقاء ديوكها ، ولعلّه الصحيح بمعنى الصّياح والصّراخ ، وفي نسختين : ريا ، وفي أخرى : رتا .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 152 ) ، برقم : ( 7 ) عن العلل مع اختلاف يسير .
(3) سورة الحشر : ( 9 ) وسورة التغابن : ( 16 ) .
(4) في البحار : ويعطونهم عليه الجعل .
( 119 )

وكانت امرأة إبراهيم عليه السلام سارة اُخت لوط ، وكان لوط رجلا شيخاً كريما يقري الضّيف إذا نزل به ويحذّره قوم ، فقال قومه : أنا ننهاك عن الضّيف وقرائه ، فإن لم تفعل أخزيناك فيه ، فكان لوط إذا نزل به الضّيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك أنّه لم يكن للوط عشيرة ولم يزل لوط وإبراهيم يتوقّعان نزول العذاب على قوم لوط .
وكان لإبراهيم ولوط منزلة عند الله شريفة ، وأنّ الله تعالى لمّا أراد عذاب قوم لوط أدركه خلّة إبراهيم ومحبّة لوط ، فبرأفتهم يؤخّر عذابهم ، أراد الله أن يعوّض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم ، فيسلّي به مصابه بهلاك قوم لوط ، فبعث الله رسلاً إلى إبراهيم يبشّرونه باسماعيل ، فدخلو عليه ليلاً ففزع وخاف إن يكونوا سرّاقاً فلمّا رأوه فزعاً قالوا : ( إنا نبشرك بغلام عليم ) (1) ثم قالوا : ( إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ) (2) قوم لوط ، فلمّا كان اليوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلاً إلى إبراهيم يبشّرونه بإسحاق ويعزّونه بهلاك قوم لوط (3) .

فصل ـ 1 ـ
119 ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عمر الجرجاني ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما صلوات الله عليهما في قوله تعالى : ( أتأتون الفاحشة ) (4) فقال : إنّ إبليس أتاهم في صورة شاب حسن فيه تأنيث وعليه ثياب حسنة ، فلجأ إلى شباب منهم فأمرهم أن يقعوا به ففعلوا ، ولو أمرهم أن يفعل بهم لأبوا عليه فالتذوا ذلك ، ثم ذهب وتركهم فأحال بعضهم على بعض (5) .
____________
(1) سورة الحجر : ( 53 ) .
(2) سورة الحجر : ( 58 ) .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 147 ـ 149 ) ، عن العلل مع اختلاف يسير وزيادة في ذيله .
(4) سورة الأعراف : ( 80 ) وسورة النّمل : ( 54 ) .
(5) بحار الأنوار ( 12 | 162 ) ، برقم : ( 13 ) .
( 120 )

120 ـ وبهذا الأسناد عن الحسن بن علي ، عن داود بن يزيد ، عن رجل ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : لمّا جاءت الملائكة عليهم السلام في هلاك قوم لوط مضوا حتّى أتَوا لوطاً ، وهو في زراعة له قرب المدينة فسلموا عليه ، فلما رآهم رآى هيئة حشنة وعليهم ثياب بيض وعمايم بيض ، فقال لهم : المنزل ، قالوا : نعم ، فتقدّمهم ومشوا خلفه ، فندم على عرضه عليهم المنزل ، فالتفت إليهم فقال : إنّكم تأتون شراراً من خلق الله ، وكان جبرئيل قال الله له : لا تعذّبهم حتّى تشهد عليهم ثلاث شهادات ، فقال جبرئيل : هذه واحدة ثم مشى ساعة فقال : إنكم تأتون شراراً من خلق الله ن فقال : هذه ثنتان ، ثم مشى ، فلمّا بلغ المدينة التفت إليهم فقال : إنكم تأتون شراراً من خلق الله ، فقال جبرئيل : هذه ثلاث .
ثم دخل ودخلوا معه منزله فلمّا أبصرت (1) بهم امرأته أبصرت هيئة حسنة ، فصعدت فوق السّطح ، فصفقت فلم يسمعوا ، فدخنت لمّا رأوا الدّخان أقبلوا يهرعون إليه حتى وقفوا بالباب ، فقال لوط : ( فاتّقوا الله لا تخزوني في ضيفي ) (2) ثم كابروه حتّى دخلوا عليه قال : فصاح جبرئيل يا لوط دعهم يدخلوا قال : فدخلوا فأهوى جبرئيل اصبعيه (3) وهو قوله تعالى : ( فطمسنا أعينهم ) (4) ثم قال جبرئيل : « إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك » (5) .

فصل ـ 2 ـ
( في حديث ذي القرنين عليه السلام )
121 ـ أخبرنا الأديب أبو عبدالله الحسين المؤدب القمي ، حدّثنا جعفر الدوريستي ، حدّثنا أبي ، عن الشّيخ أبي جعفر بن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن عليّ بن النّعمان ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن
____________
(1) في ق 5 والبحار : بصر ، وفي ق 1 : بصرت امرأته ، وفي ق 3 : بصرتهم .
(2) سورة هود : ( 78 ) .
(3) في ق 2 : باصبعيه ، وفي ق 3 : بجناحه فأعمى أعينهم .
(4) سورة القمر : ( 37 ) .
(5) بحار الأنوار ( 12 | 163 ـ 164 ) ، برقم : ( 16 ) ، والآية الأخيرة في سورة هود : ( 81 ) .
( 121 )

أبي جعفر صلوات الله عليه قال : إنّ ذا القرنين لم يكن نبيّاً ، ولكنّه كان عبداً صالحا أحب الله فأحبّه الله ، وناصح الله (1) فناصحه الله ، أمر قومه بتقوى الله ، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا ، ثم رجع إليهم فضربوه على قرنه الآخر . وفيكم من هو على سنّته ، وأنّه خيّر السّحاب الصعب والسّحاب الذّلول ، فاختار الذّلول فركب الذّلول ، وكان إذا انتهى إلى قوم كان رسول نفسه إليهم لكيلا يكذب الرّسل (2) .
122 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمد بن الحسن ، عن الصّفار محمد بن الحسن ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن رجل ، عن خلاّن عن سماك بن حرب بن حبيب (3) ، قال : أتى رجل عليّاً صلوات الله عليه فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين ، فقال له عليّ عليه السلام : سخّرت له السّحاب ، وقربت له الأسباب ، وبسط له في النّور ، فقال صلوات الله عليه : كان يبصر باللّيل كما يبصر بالنّهار (4) .
123 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن المثنى ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً لم يكن له قرن من ذهب ولا من فضة ، بعثه الله في قومه ، فضربوه على قرنه الأيمن . وفيكم مثله (5) قالها ثلاث مرّات ، وكان قد وصف له عين الحياة ، وقيل له : من شرب منها شربة ، لم يمت حتى يسمع الصّيحة ، وأنّه خرج في طلبها حتّى أتى موضعاً كان في ثمانية وستّون عيناً ، وكان الخضر عليه السلام على مقدمته (6) ، وكان من آثر أصحابه عنده ، فدعاه وأعطاه وأعطى قوماً من أصحابه كلّ واحد منهم (7)
____________
(1) في ق 3 : ناصح الله .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 194 ) ، برقم : ( 17 ) .
(3) في ق 2 وق 4 : عن سماك بن حرب عن أبي حبيب ، ولم يعرف أبو حبيب في هذه الطّبقة ، وسماك بن حرب عدّ من أصحاب الإمام السّجاد عليه السلام ولم يذكر له جدّ مسمّى بـ « حبيب » على ما عن المقدسي والذهبي في ترجمته راجع قاموس الرجال ( 5 | 5 ) ، وتوفّي في سنة ( 123 ) ، فلا يمكن روايته عن أمير المؤمنين عليه السلام .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 194 ) ، برقم : ( 18 ) .
(5) في البحار بعد قوله : الأيمن زيادة وهي : فغاب عنهم ثم عاد إليهم فدعاهم فضربوه على قرنه الأيسر وفيكم مثله .
(6) في ق 1 : مقلقله ، وفي ق 5 : مقلقله . قلقل الشيء : حركه .
(7) في ق 1 : منكم .
( 122 )

حوتاً مملوحاً .
ثم قال : انطلقوا إلى هذه المواضع ، فيغسل كلّ رجل منكم حوته ، وأنّ الخضر انتهى إلى عين من تلك العيون ، فلمّا غمس الحوت ووجد ريح الماء حيّى وانساب في الماء ، فلمّا رآى ذلك الخضر رمى بثيابه (1) وسقط في الماء ، فجعل يرتمس في الماء ويشرب رجاء أن يصيبها ، فلمّا رأى ذلك رجع ورجع أصحابه ، فأمر ذو القرنين بقبض السّمك ، فقال : انظروا فقد تخلفت سمكة واحدة ، فقالوا : الخضر صاحبها فدعاه فقال : ما فعلت بسمكتك ، فأخبره الخبر ، فقال : ماذا صنعت قال : سقطت فيها أغوص وأطلبها فلم أجدها ، قال : فشربت من الماء قال : نعم قال : فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها ، فقال الخضر : أنت صاحبها وأنت الّذي خلقت لهذه العين .
وكان اسم ذي القرنين عيّاشاً ، وكان أوّل الملوك بعد نوح عليه السلام ملك ما بين المشرق والمغرب (2) .

فصل ـ 3 ـ
124 ـ وباسناده عن محمد بن أورمة ، حدّثنا محمد بن خالد ، عمّن ذكره ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : حجّ ذو القرنين في ستمائة ألف فارس ، فلمّا دخل الحرم شيعه بعض اصحابه إلى البيت ، فلمّا انصرف قال : رأيت رجلاً ما رأيت أكثر نوراً ووجهاً منه ، قالوا : ذاك إبراهيم خليل الرّحمن صلوات الله عليه ، قال : اسرجوا (3) فاسرجوا ستمائة دابة في مقدار ما يسرج دابة واحدة ، قال : ثم قال ذو القرنين : لا بل نمشي إلى خليل الرّحمن ، فمشى ومشى معه بعده أصحابه النقباء (4) .
قال إبراهيم عليه السلام : بم قطعت الدّهر ؟ قال : بأحد عشر كلمة : وهي سبحان من هو باق لا يفنى ، سبحان من هو عالم لا ينسى ، سبحان من هو حافظ لا يسقط ، سبحان
____________
(1) في ق 1 وق 5 : ثيابه .
(2) بحار الأنوار ( 13 | 300 ) ، برقم : ( 19 ) ومن قوله : وكان اسم ذي القرنين في ( 12 | 175 ) ، برقم : ( 1 ) .
(3) في البحار : وتسرجوا .
(4) في البحار : ومشى معه أصحابه حتّى التقيا ، ولعلّه الصّحيح .
( 123 )

من هو بصير لا يرتاب ، سبحان من هو قيّوم لا ينام ، سبحان من هو ملك لا يرام ، سبحان من هو عزيز لا يضام ، سبحان من هو محتجب لا يرى ، سبحان من هو واسع لا يتكلّف ، سبحان من هو قائم لا يلهو ، سبحان من هو دائم لا يسهو (1) .
125 ـ وعن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن علي ما جيلويه ، عن عمّه محمد بن أبي القاسم ، حدّثنا محمد بن عليّ الكوفيّ ، عن شريف بن سابق التّفليسي ، عن أسود بن رزين القاضي قال : دخلت على أبي الحسن الأوّل عليه السلام ولم يكن رآني قطّ ، فقال من أهل السدّ أنت ، فقلت من أهل الباب ، فقال الثانية : من أهل السّد أنت ، قلت : من أهل الباب ، قال : من أهل السّد ، قلت : نعم ذاك السّد (2) الّذي عمله ذو القرنين (3) .
126 ـ وروي عن عبدالله بن سليمان ، وكان رجل قرأ الكتب : أن ذا القرنين كان رجلاً من أهل الإسكندريّة ، وأمّه عجوز من عجائزهم ، ليس لها ولد غيره يقال له : إسكندروس ، وكان له أدب وخلق وعفة من وقت صباه إلى أن بلغ رجلاً ، وكان رآى في المنام أنه دنى من الشمس فأخذ بقرنها في شرقها وغربها ، فلمّا قصّ رؤياه على قومه سمّوه ذا القرنين ، فلمّا رآى هذه الرّؤية بعدت همّته وعلا صوته وعزّ في قومه .
فكان أوّل ما اجتمع عليه أمره أن قال : أسلمت لله عزّ وجلّ ، ثمّ دعا قومه إلى الإسلام ، فأسلموا هيبة له ، وانطلق ذو القرنين حتّى امعن في البلاد يؤم المغرب حتّى انتهى إلى الجبل الّذي هو محيط بالأرض ، فإذا هو بملك قابض على الجبل ، وهو يقول : سبحان ربّي من أوّل الدّنيا إلى آخرها ، سبحان ربّي من موشع كفّي إلى عرش ربّي ، سبحان ربّي من منتهى الظّلمة إلى النّور . فلمّا سمع ذلك ذو القرنين خرّ ساجدا ، فلمّا رفع رأسه قال له الملك : كيف قويت يابن آدم على مبلغ هذا الموضع ؟ ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال : قوّاني الله على ذلك .
فقال الملك : إنّي موكّل بهذا الجبل ، ولولا هذا الجبل لا نكفأت الأرض بأهلها ، رأس هذا الجبل ملتصق بسماء الدّنيا ، وأسفله في الأرض السّابعة السّفلى ، وهو محيط بها
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 195 ) ، برقم : ( 20 ) و( 93 | 182 ) ، برقم : ( 18 ) .
(2) في البحار : قال ذاك السد .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 196 ) ، برقم : ( 22 ) و( 48 | 50 ) ، برقم : ( 43 ) .
( 124 )

كالحقلة ، وليس على وجه الأرض مدينة إلا ولها عرق إلى هذا الجبل ، فإذا أراد الله تعالى أن يزلزل مدينة أوحى إليّ ، فحرّكت العرق الّذي إليها .
فلمّا اراد ذو القرنين الرجوع قال : لملك أوصنين قال : لا يهمّنك رزق غد ، ولا تؤخر عمل اليوم لغد ، ولا تحزن على ما فاتك وعليك بالرّفق ، ولا تكن جباراً متكبراً .
ثم إنّ ذا القرنين عطف على أصحابه ، ثم عطف بهم نحو المشرق يستقري ما بينه وبين المشرق من الأمم ، فيفعل بهم مثل ما فعل باُمم المغرب من العدل ، فبينما هو يسير إذ وقع على الاُمّة المحاكمة من قوم موسى صلوات الله عليه الّذين يهدون بالحق وبه يعدلون ، فوجد أمّة عادلة فقال لهم : أخبروني إنّي درت الدّنيا فلم أر مثلكم ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم ؟
قالوا : لئلاّ ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا .
قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب ؟
قالوا : ليس فينا متّهم ولا ظنين ولا لصّ ، وليس فينا إلاّ أمين .
قال : فما بالكم ليس عليكم أمرآء ؟ قالوا : لا نتظالم .
قال : فما بالكم ليس بينكم حكّام ؟ قالوا : لا نختصم .
قال : فما بالكم ليس منكم ملوك ؟ قالوا : لا نتكاثر (1) .
قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف ؟ قالوا : لا نتنافس .
قال : فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون ؟ قالوا : من قبل أنا متواسون ومتراحمون .
قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تغتالون قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وإصلاح ذات البين .
قال : فما بالكم لا تسبّون ولا تقتلون ؟ قالوا : من قبل أنّا غلبنا طبائعنا بالعزم وسُسنا أنفسنا (2) بالحلم .
قال : فما بالكم كلمتكم واحدة وطريقتكم ؟ مستقيمة ؟ قالوا : من قبل انا لا نتكاذب
____________
(1) الزيادة من البحار وبعض النّسخ من القصص .
(2) في ق 4 : ووسمنا أنفسنا ، وفي البحار : وسننا .
( 125 )

ولا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضاً .
قال : فأخبروني لم ليس فيكم مسكين ولا فقير ؟ قالوا : من قبل أنّا نقتسم (1) بالسّوية .
قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ ؟ قالوا : من قبل الذّلّ والتّواضع .
قال : فلم جعلكم الله أطول النّاس أعماراً ؟ قالوا : من قبل أنّا نتعاطى بالحق ّ ونحكم بالعدل .
قال : فما بالكم لا تقحطون ؟ قالوا : من قبل أنّا لا نغفل عن الإستغفار .
قال : فما بالكم لا تحردون (2) ؟ قالوا : من قبل أنّا وطّنا أنفسنا على البلاء وحرصنا عليه فعزّينا (3) أنفسنا .
قال : فما بالكم لا تصيبكم الآفات ؟ قالوا : من قبل أناّ لا نتوكّل على غير الله تعالى ولا نستمطر بالأنواء والنّجوم .
قال : فحدّثوني أهكذا وجدتم آبائكم يفعلون ؟ قالوا : وجنا آبائنا يرحمون مسكينهم ، ويواسون فقيرهم ، ويعفون عمّن ظلمهم ، ويحسنون إلى من اساء إليهم ، ويستغفرون لمن سبّهم ، ويصلون أرحامهم ، ويؤدّون أمانتهم ، ويصدقون ولا يكذبون ، فأصلح الله بذلك أمره .
فأقام عندهم ذو القرنين حتّى قبض ، ولم يكن له فيهم عمر ، وكان قد بلغ السّن وأدرك الكبر ، وكان عدّة ما سار في البلاد إلى يوم سار في البلاد إلى يوم قبضه الله تعالى خمسمائة عام (4) .
____________
(1) في ق 4 والبحار : نقسم .
(2) في البحار : لا نحزنون ، وفي ق 3 : لا تجأرون .
(3) في ق 1 وق 3 وق 5 : فعرينا .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 183 ـ 193 ) عن كمال الدين ، ورواه الصدوق مسنداً عن عبدالله بن سليمان في إكمال الدين ص ( 394 ـ 406 ) ، برقم : ( 5 ) .
( 126 )

الباب السادس

( في نبوّة يعقوب ويوسف عليهما السّلام )

127 ـ أخبرنا الشيخ أبو سعد الحسن بن علي الآرابادي (1) ، والشيّخ ابو القاسم الحسن بن محمد الحديقي ، عن جعفر بن محمد بن العبس ، عن أبيه عن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثّمالي ، قال : صلّيت مع علي بن الحسين صلوات الله عليهما الفجر يوم الجمعة ، فنهض إلى منزله وانا معه ، فدعا مولاة له فقال : لا يقف اليوم على بابي سائل إلاّ أطعمتموه ، فانّ اليوم يوم الجمعة قلت : ليس كلّ سائل محقّ .
فقال : أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّاً فلا نطعمه ونردّه ، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله عليهم السلام أطعموهم ، إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً ، فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه ، وأنّ سائلا مؤمناً صواماً قوّاماً محقّاً له عند الله منزلة كان مجتازاً غريباً إعتربباب يعقوب عشيّة الجمعة عند أوان إفطاره ، فهتف على بابه : أطعموا السّائل الغريب الجائع من فضل طعامكم . فلمّا يئس شكا جوعه إلى الله تعالى وبات خاوياً وأصبح صائماً ، وباب يعقوب وآله شباعاً بطاناً ، وأصبحوا عندهم فضلة من طعام ، فأوحى الله تعالى إلى يعقوب صلوات الله عليه : استوجبت بلواي أو ما علمت أنّ البلوى إلى اوليائي أسرع منها إلى أعدائي ، وذلك حسن نظرمنّي لأوليائي ، استعدّ والبلائي .
____________
(1) راجع رياض العلماء ( 2 | 436 ) فانّ اللّقب بهذا النّحو مضبوط فيه فقط .
( 127 )

فقلت لعلي بن الحسين صلوات الله عليهما : متى رأى الرّؤيا ؟ قال : في تلك اللّيلة الّتي بات فيها يعقوب صلوات الله عليه وآله شباعاً ، وبات فيها ذلك الغريب جائعاً ، فلمّا قصّها على أبيه اعتمّ يعقوب لما سمع من يوسف مع ما اُوحي إليه : أن استعدّ للبلاء ن وكان اوّل بلوى نزل بآل يعقوب الحسد ليوسف عليه السلام ، فلمّا رآى إخوة يوسف كرامة أبيه إيّاه اشتدّ عليهم فتآمروا حتّى قالوا : ( أرسله معنا غداُ يرتع ويلعب ) (1) فلمّا خرجوا من أتوا به غيضة أشجار ، فقالوا نذبحهه ونلقيه تحت شجرة يأكله الذّئب ، فقال كبيرهم : لا تقتلوه ولكن ألقوه في غيابة الحبّ فألقوه فيه ، وهم يظنّون أنّه يغرق فيه .
فلمّا أمسوا رجعوا إلى أبيهم « عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذّئب ) (2) فاسترجع وعبر فصبر وأذعن للبلوى ، وقال : ( بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل ) (3) ما كان الله ليطعم لحم يوسف الذّئب .
قال أبو حمزة : ثم انقطع حديث علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه ، فلما كان من الغدو عدوت إليه ، فقلت : إنّك حدّثت أمس بحديث يعقوب ، فما كان من قصّة إخوة يوسف بعد ذلك ؟ فقال : إنّهم لمّا أصبحوا قالوا : انطلقوا بنا حتّى نظر ما حال يوسف أمات أم هو حيّ ؟ فلمّا انتهوا إلى الجبّ وجدوا سيّارة قد أرسلوا واردهم ، فأدلى دلوه فمّا جذب الدّلو إذا هو بغلام متعلق بدلوه ، فلمّا أخرجه قال إخوة يوسف : هذا عبدنا سقط أمس في هذا الجبّ وجئنا اليوم لنخرجه ، فنتزعوه منه وقالوا له : إمّا أن تقرّ لنا أنّك عبد لنا ، فنبيعك من بعض هذه السّيارة أو نقتلك ، قال : اصنعوا ما شئتم ، فأقبلوا إلى السيّارة وقالوا لهم : آمنكم من يشتري هذا العبد منّا ؟ فاشتراه بعضهم بعشرن درهماُ وسار من اشتراه حتّى أدخله مصر .
فقلت لعلي بن الحسين عليهما السلام : إبن كم كان يوسف صلوات الله عليه يوم ألقيّ في الجبّ ؟ قال : كان ابن تسع سنين قلت : فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر ؟ قال : مسيرة اثنى عشر يوماً . وكان يوسف عليه السلام من أجمل أهل زمانه فاشتراه العزيز
____________
(1) سورة يوسف ( 12 ) .
(2) سورة يوسف ( 16 ـ 17 ) .
(3) سورة يوسف : ( 18 ) .
( 128 )

وراودته امرأته ، فقال : معاذ الله أنا من أهل بيت لا يزنون ، فأفلت منها هارباً إلى الباب ، فلحقته فجذبت قميصه من خلفه ( وألفيا سيّدها لدى الباب قالت ما جزآء من اراد بأهلك سوءاً إلاّ أن يسجن ) (1) فهمّ الملك بعذاب يوسف عليه السلام ، فقال يوسف عليه السلام هي راودتني فاسأل هذا الصّبيّ ، فأنطق الله الصّبيّ بفصل القضاء ، فقال أيّها الملك : انظر إلى قميص يوسف ، فإن كان مقدوداً من قدّامه فهو الّذي راودها ، وإن كان مقدوداً من خلفه فهي الّتي راودته ، فأفزع الملك ذلك ودعى بالقميس ونظر إليه فرآه مقدوداً من خلفه قال : إنّ من كيدكنّ وقال ليوسف : اكتم هذا .
فلمّا شاع أمر امرأة العزيز والنّسوة الّلآتي قطّعن أيديهنّ ، سجن يوسف عليه السلام ، ودخل معه السّجن فتيان ، وكان من قصّته ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز (2) .

فصل ـ 1 ـ
128 ـ وباسناده عن ابن محبوب ، عن الحسن بن عمارة ، عن مسمع أبي سيّار (3) ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : لمّا ألقى إخوة يوسف يوسف في الجبّ نزل عليه جبرئيل ، فقال : يا غلام من طرحك في هذا الجبّ ؟ فقال : إخوتي بمنزلتي من أبي حسدوني ، قال : أتحبّ أن تخرج من هذا الجبّ ؟ قال : ذلك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، قال : فإن الله يقول لك : قل اللّهمّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت ، بدين السّماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام ، ان تصلّي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً وترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب (4) .
129 ـ وبإسناده عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر ، عن الرّضا عليه السّلام في قوله تعالى : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) (5) قال : كانت
____________
(1) سورة يوسف : ( 25 ) .
(2) بحارالأنوار ( 12 | 271 ـ 276 ) ، برقم : ( 48 ) عن علل الشرائع مبسوطاص . وما هو المذكور هنا زبدته ومختصره .
(3) في البحار : عن أبي سيّار ، وهو مسمع بن عبد الملك كردين .
(4) بحار الأنوار ( 95 | 189 ) ، برقم : ( 16 ) و( 12 | 248 ) ، برقم : ( 13 ) .
(5) سورة يوسف : ( 20 ) .
( 129 )

عشرين درهما والبخس : النقص ، وهي قيمة كلب الصّيد إذا قتل (1) .
130 ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن أبي إسماعيل الفرّا ، عن طربال ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : لمّا أمر الملك بحبس يوسف عليه السّلام في السجن ألهمه الله تأويل الرّؤيا ، فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم (2) .
131 ـ وعن ابن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : كان يوسف عليه السّلام بين أبويه مكرماً ، ثم صار عبداً ، فصار ملكاً (3) .
132 ـ وعن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان ، عن جميل ، عن سليمان بن عبدالله الطّلحي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : ما حال بني يعقوب ؟ هل خرجوا عن الإيمان ؟ فقال : نعم . قلت : فما تقول في آدم عليه السلام ؟ قال : دع آدم (4) .
133 ـ وعن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حنّان بن سديل قال : قلت لأبي جعفر صلوات الله عليه : أكان أولاد يعقوب أنبياء ؟ قال : لا ، ولكنّهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء ، ولم يفارقوا إلاّ سعدآء ، تابوا وتذكّروا ممّا صنعوا (5) .

فصل ـ 2 ـ
134 ـ وأخبرنا الشّيخ أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، عن جعفر الدوريستي ، عن الشّيخ المفيد ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : لمّا فقد يعقوب يوسف عليهما السلام اشتدّ حزنه وتغيّر حاله ، وكان يمتار القمح من
____________
(1) بحار الأنوار ( 12 | 222 ) .
(2) بحار الأنوار ( 12 | 290 ) ، برقم : ( 72 ) و( 61 | 172 ) ، برقم : ( 30 ) .
(3) بحار الأنوار ( 12 | 290 ) ، برقم : ( 73 ) .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 290 ـ 291 ) ، برقم : ( 74 ) .
(5) بحار الأنوار ( 12 | 291 ) ، برقم ( 75 ) .
( 130 )

مصر لعياله في السّنة مرّتين في الشّتاء والصّيف ، فانّه بعث عدّة من ولده ببضاعة يسيرة مع رفقة خرجت ، فلمّا دخلوا على يوسف عليه السلام عرفهم ولم يعرفوه ، فقال : هلمّوا بضاعتكم حتّى أبدأ بكم قبل الرّفاق وقال لفتيانه : عجّلوا لهؤلاء بالكيل وأوقروهم ، واجعلوا بضاعتهم في رحالهم إذا فرغتم .
وقال يوسف لهم : كان أخوان من أبيكم فما فعلاً ؟ قالوا : أمّا الكبير منهما فإنّ الذّئب أكله ، وأمّا الأصغر فخلّفناه عند أبيه ، وهو به ضنين وعليه شفيق . قال : إنّي أحبّ أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا ، ولمّا فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم فيها ( قالوا : يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردّت إلينا ) (1) فلمّا احتاجوا إلى الميرة بعد ستّة أشهر بعثهم ، وبعث معهم ابن يامين ببضاعة يسيرة ، فأخذ عليهم ( موثقاً من الله لتأتنّني به ) (2) فانطلقوا مع الرّفاق حتّى دخلوا على يوسف ، فهيّأ لهم طعاماً وقال : ليجلس كلّ بني أمّ على مائدة ، فجلسوا وبقي ابن يامين قائماً ، فقال له يوسف: مالك لم تجلس ؟ فقال : ليس لي فيهم ابن أمّ ، فقال يوسف : فمالك ابن أمّ ؟ قال : بلى زعم هؤلاء أنّ الذّئب أكله .
قال : فما بلغ من حزنك عليه ؟ قال : ولد لي أحد عشر ابناً لكلّهم أشتق اسماً من اسمه ، فقال : اراك قد عانقت النّساء وشممت الولد من بعده ، فقال : انّ لي أباً صالحاً قال لي : تزوّج لعلّ الله أن يخرج منك ذرية تثقّل الأرض بالتّسبيح ، قال يوسف : فاجلس معي على مائدتي ، فقال إخوة يوسف : لقد فضّل الله يوسف واخاه حتّى أنّ الملك قد أجلسه معه على مائدته ، وقال لإبن يامين : إنّي أنا أخوك فلا تبتئس بما تراني أفعل واكتم ما أخبرتك ، ولا تحزن ولا تخف .
ثمّ أخرجه إليهم وأمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم ويعجّلوا لهم الكيل ، فإذا فرغوا جعلوا (3) المكيال في رحل أخيه ابن يامين ، ففعلوا ذلك وارتحل القوم مع الرّفقة ، فمضوا ولحقهم فتية يوسف ، فنادوا ( أيّتها العير إنّكم لسارقون ) (4) قالوا : « ماذا تفقدون قالوا
____________
(1) سورة يوسف : ( 65 ) .
(2) سورة يوسف : ( 66 ) .
(3) كذا في ق 1 وفي بقية النّسخ والبحار : فاجعلوا .
(3) سورة يوسف : ( 70 ) .
( 131 )

نفقد صواع الملك . . . قالوا : وما كنّا سارقين قالوا : فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا : ( جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ) ( فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه ) ( قالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) (1) ثم ( قالوا : يا أيها العزيز إنّ له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه ) ( قال : معاذ الله أن نأخذ إلاّ من وجدنا متاعنا عنده ) (2) قال كبيرهم : إنّي لست أبرح الارض حتّى يأذن لي أبي .
فمضى إخوة يوسف حتّى دخلوا على يعقوب صلوات الله عليه ، فقال لهم : أين ابن يامين ؟ قالوا : سرق مكيال الملك ، فحبسه عنده ، فأسأل أهل القرية والعير حتّى يخبروك بذلك ، فاسترجع يعقوب واستعبر حتّى تقوّس ظهره ، فقال يعقوب : يا بنيّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه ، فخرج منهم نفر وبعث معهم بضاعة وكتب معهم كتاباً إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه وولده .
فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم ، فأخذه وقبّله وبكى ، ثم أقبل عليهم فقال : ( هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه ) قالوا : أأنت يوسف ؟ ( قال : أنا يوسف وهذا أخي ) وقال يوسف : ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) و( اذهبوا بقميصي هذا ) بلّته دموعي ( فألقوه على وجه أبي وأتوني بأهلكم أجمعين ) (3) .
فأقبل ولد يعقوب عليه السلام يحثّون السّير بالقميص ، فلمّا دخلوا عليه قال لهم : ما فعل ابن يامين ؟ قالوا : خلّفناه عند أخيه صالحاً ، فحمد الله عند ذلك يعقوب وسجد لربّه سجدة الشكر واعتدل ظهره ، وقال لولده : تحملوا إلى يوسف من يومكم ، فساروا في تسعة أيّام إلى مصر ، فلمّا دخلوا اعتنق يوسف اباه ورفع خالته ، ثم دخل منزله وأدهن ولبس ثياب الملك ، فلمّا رأوه سجدوا شكراً لله ، وما تطيّب يوسف في تلك المدّة ولا مسّ النّساء حتّى جمع الله ليعقوب صلوات الله عليه شمله (4) .
____________
(1) سورة يوسف : ( 75 ـ 77 ) .
(2) سورة يوسف : ( 78 ـ 79 ) .
(3) سورة يوسف : ( 89 ـ 93 ) .
(4) بحار الأنوار ( 12 | 287 ـ 289 ) ، برقم : ( 71 ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
مالك المنتدى
مالك المنتدى
Admin


ذكر

المساهمات : 892

النقاط : 5800
السٌّمعَة : 1
تاريخ الميلاد : 22/09/1990
تاريخ التسجيل : 27/03/2014
العمر : 34
العمل/الترفيه : طالب
المزاج : سعيد دائما

 ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام )    ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام ) I_icon_minitimeالخميس يوليو 17, 2014 12:23 am

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fonctionnaire.0wn0.com
 
( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  ( في ذكر لوط وذي القرنين عليهما السلام )
»  ( في ذكر هود وصالح عليهما السلام )
»  ( في ذكر هود وصالح عليهما السلام )
»  ( في نبوّة إدريس ونوح عليهما السّلام )
»  قصة آدم عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العامل الجزائري :: المنتدى الاسلامي :: قسم قصص الأنبياء-
انتقل الى: