من الأخطاء الشائعة فى الصّلاة عدم تحريك اللسان فى التكبير و قراءة القرآن و الأذكار و الإكتفاء بتمريرها على القلب! و كأن الصّلاة أفعال فحسب ، و ليس فيها أقوال و لا أذكار!
ولو كان تمرير الآيات على القلب مجزئاً فى الصلاة – و هيهات – لما قال النبى صلى الله عليه و سلم للمسيىء صلاته: "ثم إقرأ ما تيسر معك من القرآن" إذ القراءة غير التمرير ، و من مقتضيات القراءة – فى اللغة والشرع – تحريك اللسان ، كما هو معلوم ، و منه: قوله تعالى : {لاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَبِهِ}.
ولهذا قرر العلماء المانعون الجنب من قراءة القرآن ، جواز تمرير الآيات على القلب ، إذ أن التمرير غير القراءة.
قال النووى رحمه الله تعالى: يجوز للجنب و الحائض و النفساء إجراء القرآن على القلب من غير لفظ ، و كذلك النظر فى المصحف ، و إمراره على القلب.
أما قراءة الرّجل فى نفسه ، و لم يحرك بها لسانه ، ليس بقراءة على الصحيح ، لأن القراءة إنما هى النّطق باللسان ، و عليها تقع المجازاة ، و الدّليل على ذلك :
قول الله – عزَّ وجَلَّ - : {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}.
و قول النبى صلى الله عليه و سلم: تجاوز الله لأمتى عما حدّثت به أنفسها.
فكما لا يُؤاخذ الإنسان بما حدّثت به نفسه من الشر ، و لا يضره ، فكذلك لا يجازى على ما حدّث به نفسه من القراءة أو الخير ، المجازاة التى يُجازي بها على تحريك اللسان بالقراءة و فعل الخير.
وقال النووى : و أما غير الإمام ، فالسنّة الإسرار بالتكبير ، سواء المأموم والمنفرد ، وأدنى الإِسرار : أن يسمع نفسه ، إذا كان صحيح السّمع ، ولا عارض عنده من لغطٍ وغيره ، و هذا عام فى القراءة ، و التكبير ، و التسبيح فى الركوع و غيره ، و التشهد ، و السلام ، و الدعاء ، سواء واجبها و نفلها ، لا يحسب شىء منها حتى يسمع نفسه ، إذا كان صحيح السمع و لا عارض ، فإن لم يكن كذلك ، رفع ، بحيث يسمع لو كان كذلك ، لا يجزئه غير ذلك . هكذا نصّ عليه الشافعى. و اتّفق عليه الأصحاب . قال أصحابنا : و يستحب أن لا يزيد على إسماع نفسه . قال الشافعى فى «الأم» : يسمع نفسه و من يليه ، لا يتجاوزه. و قد نص الشافعيّة على أن الطارئ خرسه ، يجب عليه أن يحرك لسانه بالتكبير و القراءة و التشهد و غيرهما ، لأن ذلك يتضمن نطقاً و تحريك اللسان ، فما تعذّر فهو عفو ، و ما يقدر عليه ، فلا بدّ من الإِتيان به.
و اشتراط إسماع القارئ نفسه – حيث لا مانع – ذهب إليه الجمهور ، و يكفى عند المالكية أن يحرك بالقراءة لسانه ، و الأولى أن يسمع نفسه ، مراعاةً للخلاف.
*من كتاب "القول المبين فى أخطاء المصلين"