الله هو المألوه صدقا، وهو المعبود حقا، تألهه القلوب، وتتعلق به النفوس، وإليه تأنس الأرواح وتشتاق، ولله يتأله من في السماء والأرض : ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 3].
هو الله المستحق لمعاني الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وسلطانه في الأرض وفي السماء : ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ [الزخرف: 84]، فأهل السماوات كلهم، والمؤمنون من أهل الأرض، يعبدون الله، وإيَّاه يعظمون، ويخضعون لجلاله، ويفتقرون لكماله.
هو الله الذي له صفات الكمال والجمال والجلال، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة)) (متفق عليه).
الله علمٌ على الرب تبارك وتعالى، وهو الاسم الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى : ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180].
الله هو الاسم الأعظم الذي لم يسمَّ به غير الله عز وجل : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65], وهو الاسم الذي يتضمن جميع الأسماء الباقية لله جل في علاه : ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء: 110].
الله جل جلاله .. العبودية كلها لا تنبغي إلا له، ولا تكون إلا له وحده لا شريك له، ولله وحده تمام العلم وكمال الحلم، يعلم الحاضر والغائب، وله الرحمة الواسعة، والرحمة الواصلة إلى جميع مخلوقاته :
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22].
هو الواحد المعظم والمقدس، ذو الجلال والإكرام، المنزه عن الضد والند، والشبيه والشريك، ليس له مثيل ولا عديل، وتعالى سبحانه عن المساوي والمكافي : ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23].
الله خالق كل شيء، وخالق السماوات السبع والأرضين، وخالق الخلق أجمعين، البشر كلهم؛ عربهم وعجمهم، على اختلاف أشكالهم وألوانهم؛ تحت عزته وقوته، وتحت علمه وحكمته : ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 24].
الله هو الواحد الأحد، الذي يحيي ويميت، وهو رب العالمين ، ورب كل شيء ومليكه، الخشوع والخضوع لا ينبغي إلا له وحده، قوي غالب قاهر شديد المِحَال، والشريك والصاحبة والولد في حقه مُحَال : ﴿ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [النساء: 171].
عن بريدة رضي الله عنه قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول : ((اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد))، فقال : ((والذي نفسي بيده، لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى)) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
الله سبحانه وتعالى يتعرف إلى عباده ويتودد إليهم باسمه العظيم (الله)..
كلَّم الله موسى عليه السلام تكليمًا، في بقعة مباركة، وفي ليلة ظلماء باردة، ورأى الكليم بجانب الطور نارًا : ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [القصص: 30]، سبحانه هو الله يصطفي من خلقه من يشاء ويختار : ﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى* إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾ [طه: 13، 14].
وعرَّف الله نفسه إلى عبده الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في أعظم آية في كتابه، فقال : ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255].
إلى الله وحده تحن أرواح المؤمنين، وهو وحده الذي تحبه القلوب وترجوه، والقلوب لا تسكن إلا إلى الله، ولا تطمئن إلا بذكره : ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
في الشدائد كل الخلائق إلى الله يفزعون، وعند قضاء الحوائج إليه وحده يلجئون، وفي كل الأحوال عند بابه يدعون ويتضرعون.
الله هو المجير لجميع الخلائق من كل المضار : ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 88، 89].
الله هو المنعم المتفضل بالإحسان والنعم قبل استحقاقها، وهو سبحانه المحمود والمشكور وحده على كل فضل وإحسان ونعمة : ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].
وهو الصمد، المطْعِم الذي لا يَطْعَم، الغني المستغني عن مخلوقاته : ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 14].
والله عزَّ وجل هو وحده من سبَّب الأسباب بحوله وقوته، وأوجد الأشياء كلها من عدم، ثم أمدّ من شاء منها بالنعم : ﴿ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78].
الله تحار فيه القلوب والعقول : ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110].
البشر جميعا لا يستطيعون الإحاطة ولو باليسير من علم الله جل وعلا : ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 255]. وإذا تدبر العبد اسم الله عرف أن الله تعالى له الصفات المقدسة، والأفعال العليّة، وجميع معاني الألوهية، فأوجب ذلك للعبد أن يتعلق بربه حبا وخوفا ورجاء، وأن ينيب إليه في كل أموره، وأن يقطع الالتفات إلى غيره من المخلوقين ممن ليس لهم حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.