الفرع الثالث:إثبات نية التملك وأثر إنتفاءها:
وفقا للمبادئ العامة فإن عبء إثبات توافر القصد الجرمي يقع على عاتق سلطة الإتهام أي الإدعاء العام،فيجب أن يثبت أن الفاعل قد إرتكب السرقة مع قيام العلم لديه وقت إرتكابه لجريمته،بأنه يسرق مالاً منقولا مملوكا للغير وبدون رضاء مالكه وبنية تملكه والإستئثار به لنفسه.ولما كانت نية التملك هي حالة نفسية لدى الجاني فإن إثبات هذا القصد يكون من خلال الوقائع وملابسات كل قضية على حده.والسؤال الذي يطرح هنا ،هل يجب على الإدعاء العام أن يثبت توافر هذه النية في كل السرقات ويقيم دليل مستقل على قيامها لدى الجاني؟
نعتقد أن الإجابة بنعم على هذا السؤال تصطدم مع الواقع العملي ويجعل من الصعوبة بمكان إثبات هذا القصد،وبالتالي صعوبة إثبات الجريمة برمتها،ولكن في غالب الأحيان فإن هذه النية تكون واضحه ولا ينازع فيها أحد، ويمكن إستظهارها من خلال ملابسات الوقائع والتحقيقات التي يجريها عضو الإدعاء العام لكل قضية على حده،ولكن في بعض الحالات يكون توافر القصد محل شك ونزاع، فهنا يجب تناول المسألة بإهتمام أكبر،على أن مسألة التحقق من توافر القصد من عدمه هي من إطلاقات قاضي الموضوع، وقد أرست المحكمة العليا بالسلطنة في هذا الصدد مبدأ ذكرت فيه"أن القصد الجنائي أمر لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. وأضافت في نفس المبدأ أن "إستخلاص القصد الجنائي عنصر من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع وتقديره له لا معقب عليه فيه ما دامت الأسباب والإعتبارات التي بنى عليها تؤدي إلى ما انتهى إليه بدون شطط أو مجافاة للمعقول" .
ولا يلزم لمحكمة الموضوع أن تتحدث صراحة عن قيام القصد الخاص في السرقة فيما لو كانت الوقائع تشير بذاتها إلى قيامه،علما بأن إستنتاج القصد مسألة موضوعية وعلى المحكمة أن تفند إدعاء المتهم بإنتفاء القصد الجرمي وتدلل على وجوده وإلا كان حكمها معيبا،فقد يدعي المتهم بأنه كان ينوي الإطلاع على المال الذي أخذه أو أنه أراد الإنتفاع به ورده إلى صاحبه.وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه"إذا كان المتهم قد نازع في قيام نية التملك بقوله أنه ما قصد بأخذ البطانية -محل دعوى السرقة-إلا مجرد الإلتحاف بها إتقاء للبرد،فإنه يكون من الواجب على المحكمة أن تتحدث عن قصده الجنائي وتقيم الدليل على توافره،فإذا هي لم تفعل ذلك كان حكمها قاصرا قصورا معيبا بما يستوجب نقضه .
ولقد ذكرنا سابقا أن المشرع العماني إعتبر إختلاس الشيء بقصد إستعماله ورده حالا،سرقة وعاقب عليها بالمادة (281/1) من قانون الجزاء،ويعني ذلك أن مسألة إثبات الإدعاء العام